قيود صناعة البترول الأمريكية في انتظار “ترامب”
ينتظر المدراء التنفيذيون في قطاع البترول الأمريكي بشغف قرارات دونالد ترامب المرتقبة للتراجع عن القوانين البيئية.
لكن رغم تعهد الرئيس بمبدأ “الحفر، الحفر، الحفر”، من غير المرجح أن تشهد الإنتاجية زيادة كبيرة خلال فترته الرئاسية الثانية.
جعل ترامب من سياسة الطاقة ركناً أساسياً في حملته الانتخابية، متعهداً بتقليص البيروقراطية وإطلاق العنان لمنتجي البترول الأمريكيين لزيادة الإنتاج وخفض الأسعار للمستهلكين.
وقال ترامب، وهو يعلن انتصاره صباح الأربعاء: “لدينا ذهب سائل أكثر من أي بلد في العالم، حتى أكثر من السعودية”.
إعادة انتخاب الرئيس السابق تمثل نعمة للصناعة التي كانت تربطها علاقة مضطربة مع إدارة جو بايدن، كما أنها تعد مكسباً كبيراً لزعماء الشركات الذين ضخوا أموالاً كبيرة في حملته الانتخابية، بحسب ما ذكرته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
وقال مؤسس “كونتيننتال ريسورسز” والمتبرع لترامب، هارولد هام: “لا أستطيع أن أكون أكثر سعادة بفوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب. إنه نصر ضخم للطاقة الأمريكية ومستقبل أمن أمتنا”.
وعبر جيف ميلر، الرئيس التنفيذي لشركة “هاليبرتون”، وهي واحدة من أكبر شركات الخدمات البترولية في البلاد، عن مشاعره أيضاً قائلاً: “إنه أمر إيجابي فقط. في الواقع، أنا متفائل للغاية”.
عند توليه المنصب في يناير المقبل، تتوقع الصناعة أن يعمل ترامب على إلغاء العديد من القواعد البيئية التي فرضها بايدن.
وأشار مايك سومرز، رئيس “معهد البترول الأمريكي”، إلى أن الأعوام الأربعة الماضية شهدت “هجوماً تنظيمياً” سيتم الآن عكسه.
وقال سومرز: “مجرد إشارة من الإدارة إلى أنها تريد صناعة بترول وغاز قوية في الولايات المتحدة ستكون عاملاً رئيسياً لجلب الاستثمار الذي تحتاجه هذه الصناعة للنمو”.
وتشمل التغييرات التي تتوقعها الصناعة إلغاء القواعد المتعلقة بانبعاثات العوادم التي تهدف إلى دفع السائقين نحو السيارات الكهربائية، وتوسيع الوصول إلى الهيدروكربونات من خلال زيادة عقود الإيجار في خليج المكسيك والأراضي العامة، وتخفيف الحماية للأنواع المهددة بالانقراض.
كما يُتوقع أن ينهي ترامب توقف إصدار التراخيص لمحطات الغاز الطبيعي المسال الجديدة.
وعد ترامب بخفض الضرائب على الشركات وإلغاء التشريعات البيئية الرئيسية التي أقرها بايدن، مثل قانون “الحد من التضخم”.
ومع ذلك، يستفيد الكثيرون في الصناعة من هذا القانون ويعارضون إلغائه بالكامل.
لكن رغم التغييرات التنظيمية المتوقعة، حذر المحللون من أن زيادة سريعة في الإنتاج خلال ولاية ترامب الثانية أمر غير محتمل.
فقد وصل الإنتاج إلى مستويات قياسية خلال فترة بايدن، حيث بلغ ذروة جديدة بلغت 13.4 مليون برميل يومياً في أغسطس رغم القيود التنظيمية.
إلا أن المستثمرين، الذين تكبدوا خسائر بعد أعوام من التوسع المدفوع بالديون، يفضلون أن تركز الشركات على العائدات بدلاً من النمو.
ويُتوقع أن يستمر النموذج الذي فرضوه على القطاع في التركيز على الانضباط الرأسمالي.
وبحسب “إس آند بي”، من المتوقع أن يبلغ متوسط الإنتاج حوالي 13.2 مليون برميل يومياً هذا العام، وأن يصل إلى 13.6 مليون برميل يومياً في عام 2025 قبل أن ينخفض في العام التالي بسبب تراجع الأسعار، ولا تؤثر إعادة انتخاب ترامب على التوقعات قصيرة الأمد.
على الصعيد الاقتصادي، قد تساعد بعض العوامل ترامب في الوفاء بوعده بخفض أسعار الوقود؛ فتراجع الطلب الصيني مع خطط منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفائها “أوبك+” لزيادة العرض قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار في الأشهر المقبلة، لكن ذلك سيكون له تأثير سلبي على منتجي البترول.
وقال دانييل يرجين، مؤرخ الطاقة الحائز على جائزة بوليتزر ومؤلف كتاب “الخريطة الجديدة”، إن “السوق تعاني من فائض لأن الاقتصاد الصيني لا يحقق الطلب الذي حققه في الماضي، وهذا هو العبء الأكبر على الصناعة البترولية العالمية والأمريكية”.
وذكر بوب مكالي، رئيس شركة “رابيدان إنرجي” للاستشارات ومستشار الطاقة السابق لإدارة جورج دبليو بوش: “أي رئيس لديه أدوات محدودة للغاية للتأثير على سعر البترول على المدى القصير”.
لكنه أضاف أنه إذا تجاوز النمو القوي للعرض العالمي الطلب في الأعوام القادمة، فقد “يحالف الحظ ترامب ويرى انخفاضاً حاداً في أسعار البترول”.
وأشار: “ومع ذلك، قد يتعلم من جديد درساً من عام 2020، وهو أن انخفاض أسعار البترول قد يرضي المستهلكين، لكنه يضر بقطاع البترول الصخري الأمريكي. في الواقع، أكبر تهديد لهذا القطاع هو انخفاض أسعار البترول بشكل حاد”.
أظهر ترامب خلال ولايته الأولى استعداده للعب دور نشط في تشكيل أسعار البترول.
ففي عام 2018، ضغط على “أوبك” لزيادة الإنتاج لخفض الأسعار، ثم أقنعهم بخفضه في عام 2020 لإنقاذ قطاع البترول الصخري الأمريكي من الإفلاس مع انهيار الأسعار إثر جائحة كورونا.
كما وعد ترامب بممارسة أقصى ضغط على إيران، مما يزيد من فرض العقوبات على صادراتها البترولية، وهو ما قد يدفع بأسعار البترول العالمية إلى الارتفاع.
أحد أبرز التغييرات التي تطمح إليها الصناعة هو أن يسعى ترامب، مدعوماً بالسيطرة الجمهورية على مجلس الشيوخ وربما مجلس النواب، إلى تمرير تشريعات إصلاح شاملة لإجراءات التصاريح بعد أعوام من المحاولات الفاشلة.
وعلى الرغم من خطط ترامب لتمزيق القواعد البيئية، يتوقع المحللون أن تظل الشركات البترولية الكبرى ملتزمة بخفض الانبعاثات، خاصة عندما يتعلق الأمر بالميثان، وهو غاز دفيئة قوي.