بين سطور صفقة ”منجم السكري”.. ماذا يعني الاستحواذ على سنتامين؟
كشف مسؤول حكومي، عن تفاصيل صفقة استحواذ شركة "أنجلو غولد أشانتي" على شركة "سنتامين" المالك الوحيد للشركة الفرعونية لمناجم الذهب شريك الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية في منجم السكري للذهب بمصر.
وقال المسؤول المُطلع على ملف الصفقة لـ "العربية Business"، إن شركة "أنجلو غولد أشانتي" بدأت منذ عدة أشهر في مفاوضات الاستحواذ على شركة "سنتامين" المُشغل لمنجم السكري، إذ لا تمنع اتفاقية استغلال منجم السكري أن يحدث هناك تنازل أو دمج للشركة صاحبة حق الاستغلال بالمشروع، مستشهداً بما يحدث من استحواذات على مستوى قطاع النفط والغاز في مصر.
أضاف أن شركة "أنجلو غولد أشانتي" قامت خلال الفترة الماضية بتحليل عينات وإرسال مجموعة من الجيولوجيين إلى مصر لاستكشاف منطقة السكري والمناطق المحيطة بها قبل إتمام الصفقة التي تمت بسرية تامة، كون الشركتين مدرجتين في البورصة.
"بعد تحليل كامل العينات ودراسات البيئة الجيولوجية المصرية انتهت شركة "أنجلو غولد أشانتي" إلى أن منجم السكري متوافق مع محفظة الأصول والمشروعات العالمية للشركة التي تؤمن بأن الصفقة سيمكنها تعزيز العمليات التشغيلية والمالية بها"، وفق المسؤول.
وكان مجلس إدارة كل من شركتي أنجلو غولد أشانتي وسنتامين، أعلنا توصلهما لاتفاق بشأن الشروط المتعلقة بصفقة الاستحواذ المقترحة على شركة سنتامين، ويعني ذلك أن القيمة الإجمالية لأسهمها المُصدرة والمتوقع إصدارها تُقدّر بحوالي 1.9 مليار جنيه إسترليني أو 2.5 مليار دولار.
ووقعت هيئة الثروة المعدنية المصرية مع الشركة الفرعونية لمناجم الذهب- تابعة لـ "سنتامين"- اتفاقية عام 1994، وتم الإعلان عن الكشف التجاري، وتأسيس شركة لتنفيذ العمليات تحت اسم "السكري لمناجم الذهب"، وبدأت الإنتاج عام 2009 ككيان مشترك بين "سنتامين" والهيئة.
وقال وزير البترول الأسبق أسامة كمال، إن شركة "أنجلو غولد أشانتي" أجرت معاينة عميقة نافية للجهالة بها جزء فني وآخر تجاري وجزء قانوني، وذلك قبل إتمام عمليات الاستحواذ على شركة سنتامين.
أضاف وزير البترول الأسبق لـ "العربية Business"، أنه غير مسموح إجراء أي تعديل على الاتفاقية الخاصة بالمشروع، وأن صفقة الاستحواذ ليس لها أي تأثير على حقوق الدولة المصرية في منجم السكري وإيراداته.
لفت كمال إلى أن "أنجلو غولد أشانتي" ترى أن منطقة امتياز السكري لا تزال مُبشرة للغاية، وأن المنطقة المجاورة لها قد تشهد عملية بحث واستكشاف ومن ثم فرص الوصول إلى استكشافات مُماثلة للسكري بها أمر مُحتمل للغاية. خاصة وأن الشركة قد أجرت دراسات مستقلة بشأن منطقة السكري طبقاً للمعايير الدولية.
أكد أن العامين الماضيين شهدا ترسية نحو 18 اتفاقية للبحث عن التعدين في السوق المصرية، وأن شركة "أنجلو غولد أشانتي" ترى كل تلك الخطوات بسبب مراقبتها للسوق، إذ إن الشركة رؤية واضحة للأسواق التي ترغب في التواجد بها قبل إتمام أي عملية استحواذ.
وبشأن حصة مصر من المنجم، أكد وزير البترول الأسبق، أن أحكام اتفاقية الالتزام الصادرة بموجب القانون رقم 222 لسنة 1994، لا تزال سارية بكافة بنودها، وهي التي تحكم العلاقة بين الأطراف المساهمين (الهيئة العامة للثروة المعدنية والشركة الفرعونية).
ولفت كمال إلى أن شركة "السكري لمناجم الذهب" هي الشركة المشتركة والقائمة بالعمليات وستظل كما هي دون أي تعديل، وبالتالي فإن حصة مصر من المنجم لن يتم المساس بها مُطلقاً. موضحاً "هناك عقد خاص يضمن حقوق الدولة المصرية في منجم السكري بانتظام ودون المساس به".
"في حال زيادة الاستثمارات في منجم السكري، عندها سوف يرتفع حجم الإنتاج، ومن ثم ارتفاع عائد مصر السنوي من المنجم"، بحسب كمال. والذي قال "سنتامين تُعد منتجاً رئيسياً للذهب، ويعتبر منجم السكري من أهم الأصول الرئيسية للشركة من الفئة الأولى، باعتبار أنه أكبر وأول منجم حديث للذهب في مصر، وواحداً من أكبر مناجم إنتاج الذهب في العالم والتي استفادت منه الشركة والحكومة المصرية على مدار الأعوام الماضية".
ووفق بيان رسمي لوزارة البترول المصرية، فإن الصفقة التي تمت هي صفقة تجارية بين شركتين عالميتين مدرجتين بالبورصة حيث إن شركة سنتامين مدرجة ببورصة لندن، وشركة أنجلو غولد أشانتي مدرجه ببورصة نيويورك، الأمر الذي لا يستلزم موافقة الجانب المصري على إتمام تلك الصفقة، لأن الاستحواذ يشمل جميع أسهم شركة سنتامين وبجميع مناطق عملها بالعالم.
اتفاقية الاستغلال
مسؤول بالهيئة المصرية للثروة المعدنية، قال لـ "العربية"، إن اتفاقية الاستغلال لمنجم السكري تتضمن حصول مصر على حصة 50% من أرباح المنجم مقابل 50% للشركة. فيما يحق لمصر الحصول على إتاوة بنسبة تصل إلى 3% من صافي إيرادات مبيعات منجم السكري.
أضاف أن الاتفاقية ملزمة للحكومة المصرية وشركة سنتامين وهي قائمة على نظام الإتاوة واقتسام الأرباح -ليس اقتسام الإنتاج كما يحدث في البترول.
وأشار إلى أن مصر كانت تحصل على إتاوات منذ بداية الإنتاج بالمشروع، لكنها لم تحصل على نسبة من عائد بيع الذهب إلا بعد انتهاء سنتامين من استرداد مصروفاتها ونفقات المنجم -تم اقتسام الأرباح في عام 2016.
كما لفت إلى دور شركة "سنتامين" في الترويج لقطاع التعدين المصري وجذب المستثمرين الأجانب من خلال تواجدها القوي في مصر الذي يُزيد من ثقة المستثمرين الأجانب في السوق المصرية.
أكد أن قطاع التعدين المصري يشهد جهوداً كبيرة لتحسين مناخ الاستثمار وتهيئة البيئة لجذب استثمارات جديدة واستقطاب المزيد من الشركات، التي نطمح لتواجدها بشكل قوي في مصر في ظل ما تتمتع به من سمعة كبيرة وتكنولوجيات متقدمة في هذه الصناعة عالمياً، وكذلك ما تم من تطوير عقود الاستغلال التعدينية بهدف تشجيع وتحفيز المستثمرين وذلك امتداداً لما تم من تطوير في مجال عقود البحث والاستكشاف، وأن منجم السكرى للذهب في مصر يعد نموذجا عالميا متطورا للاستثمار التعديني يمكن تكراره.
وقالت وزارة البترول المصرية، في بيان أمس الأربعاء، إن أحكام اتفاقية الالتزام الصادرة بموجب القانون رقم 222 لسنة 1994، لا تزال سارية بكافة بنودها، وهي التي تحكم العلاقة بين الأطراف المساهمين (الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية والشركة الفرعونية).
رابع مُنتج للذهب وتنمية احتياطي المنجم
وفي سياق متصل، لفت المسؤول إلى أن شركة "أنجلو غولد أشانتي" تحتل المرتبة الرابعة على العالم في تصنيف الشركات المنتجة للذهب، وأن تواجدها واستثمارها بقطاع التعدين المصري هو شهادة عالمية على ثقة الشركات العالمية في مناخ الاستثمار بمصر، ودليل قاطع على نجاح سياسة الدولة في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ونتوقع بعد هذه الخطوة إقبال أكثر من شركة عالمية أخرى للعمل في مصر.
وقال إنه بعد إتمام الصفقة من المؤكد أن "أنجلو غولد أشانتي" ستتولى تنمية احتياطي الذهب المؤكد والقابل للاستخراج من منطقة السكري، ما يُعزز من القدرات الإنتاجية للمنجم خلال السنوات القادمة، والاستفادة من قفزات أسعار الذهب العالمي، وبالتالي ارتفاع حصة مصر من الإيرادات السنوية.
مشيراً إلى امتلاك شركة "أنجلو غولد أشانتي" محفظة استثمارية وتكنولوجيا متطورة تجعلها قادرة على تعظيم إنتاج الذهب والوصول إلى طبقات جيولوجية قادرة على رفع الاحتياطي القابل للاستخراج، ومن ثم زيادة العمر التشغيلي للمشروع. إذ بإمكان الشركة مد اتفاقية استغلال منجم السكري بعد انتهائها خاصة إذا كان بإمكانها حينها إنتاج كميات من الذهب بنفس منطقة الامتياز.
ووفق عمرو حسونة المدير التنفيذي لشركتي السكري لمناجم الذهب وسنتامين مصر، فإن الاحتياطي المؤكد من منجم السكري يصل إلى حوالي 6 ملايين أوقية "احتياطي قابل للاستخراج"، في حين يصل احتياطي الموارد نحو 10 ملايين أوقية "وهو احتياطي تعمل الشركة على تحويله إلى احتياطي مؤكد".
وفي يوليو الماضي، قال مارتن هورجان الرئيس التنفيذي لشركة سنتامين، إنه منذ بدء عمل الشركة في منجم السكري، حصلت الحكومة المصرية على أكثر من مليار دولار، حيث أنتج المنجم أكثر من 5.7 مليون أوقية ذهب، مشيراً إلى أن الشركة أنفقت ما يقرب من 450 مليون دولار العام الماضي.
محاولات سابقة للاستحواذ على السكري
بحسب المسؤول، فقبل سنوات كانت هناك بعض الرغبات لدى مستثمرين للاستحواذ على منجم السكري، لكن تلك المحاولات لم يُكتب لها الاكتمال، لأسباب أرجعها إلى أن شركة سنتامين كانت لا تزال ترى أن بإمكانها تحقيق مزيد من المكاسب من منجم السكري بتكلفة استثمارية وتشغيلية جيدة بالنسبة لها آنذاك.
أرجع المسؤول سبب موافقة سنتامين على صفقة الاستحواذ إلى إمكانية الاتجاه لضخ رؤوس الأموال الجديدة في مناطق بحث واستكشاف بأسواق أخرى، إضافة إلى أن الشركة قد حققت من المكاسب والأرباح طيلة السنوات الماضية ما يجعلها مُنفتحة في التوقيت الحالي على إتمام صفقة الاستحواذ.
قال إن شركة سنتامين أنتجت خلال الـ 5 سنوات الماضية الفترة من 2019 وحتى 2023، حوالي 2.239 مليون أوقية ذهب، أي أن الشركة حققت إجمالي أرباح جيد للغاية عن تلك الفترة التي شهدت بعض المحاولات من مستثمرين للاستحواذ على الشركة.
لا تغيير على مستوى هيكل الموظفين
ووفق عاملين في منجم السكري للذهب، تحدثوا لـ "العربية Business"، فمن المتوقع عدم إجراء أي تعديلات على مستوى هيكل العمال والموظفين داخل منجم الذهب الأكبر في مصر.
أضافوا أن الشركة أكدت -عبر إيميلات- لهم خلال اليومين الماضيين، أنه لن يحدث أي تغيير على مستوى الموظفين الحاليين، وإن كان مستقبل الهيكل الإداري والتنفيذي غير معلوم بالنسبة لهم.
وفي محاولة للتواصل مع إدارة سنتامين لاستيضاح موقف الهيكل الإداري والتنفيذي المستقبلي للشركة فلم نتلقَ أية ردود حتى تاريخ النشر.
من ناحية أخرى، تنظر شركة "أنجلو غولد أشانتي" بتقدير لمهارات ومعرفة وخبرات موظفي سنتامين الحاليين وتدرك أهميتهم في تحقيق إنجازات الشركة. لذا لا تنوي إحداث أي تأثير على الموظفين في منجم السكري، كما لا تعتزم إجراء تغييرات جوهرية على موظفي "سنتامين" في مصر أو في كوت ديفوار.